---

حصلت وحدة تحقيقات الجزيرة على وثيقة داخلية صادرة عن منظمة اعمل من أجل أمريكا "ACT for America"، وهي مجموعة ضغط سياسي متنفذة، تفتح نافذة نادرة على العمليات التي تقوم بها هذه المنظمة.

والحديث هنا عن كتيب نشرته هذه المنظمة بعنوان "فن قيادة الشعبة"، والذي يحتوي على نصائح حول كيفية رسم خرائط لأسماء ومواقع أعضاء المجالس التي تدير المدارس ممن يشتبه في أنهم إسلاميون ابتداء من رياض الأطفال وصولاً إلى الثانوية العامة، ثم كيفية رصد النشاطات الإسلامية داخل الجامعات الأمريكية.

تحث هذه الورقة التي تتكون من 129 صفحة أعضاء الشعب المحلية على "اختيار مساقات معينة وأساتذة معينين حيث يحتمل أن تكون وجهات النظر منحازة لصالح الترويج للجهاد الإسلامي وللمهاجرين وللإرهاب، إلخ."

ويمضي الكتيب ليقرر بأن "أكثر قسمين تحوم حولهما الشكوك وربما يحسن أن تسجلوا لدراسات مساقات محددة داخلهما هما قسم العلوم السياسية وقسم دراسات الشرق الأوسط.

"فهذان القسمان ثمة احتمال حقيقي أن يكونا ممولين من قبل السعوديين وأن يدرس فيهما أساتذة يدعمون الشريعة ويعادون أمريكا ويعادون إسرائيل."

في كتبيها ذلك، تقول "ACT"، والتي تعتبر واحدة من أكبر المجموعات المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة، إنها تعمل في سبيل حماية "الأمن الوطني". وكانت هذه المنظمة قد تأسست في عام 2007 على يد امرأة اسمها بريجيت غابرييل، التي تدعي أن لديها من الأعضاء ما يبلغ عددهم 750 ألفاً.

قامت الجزيرة على مدى العام الماضي بالتحقيق في "ACT" وفي عدة منظمات أخرى وكذلك في عدة أفراد من داخل ما بات يعرف بصناعة الإسلاموفوبيا – أو مؤسسة الإسلاموفوبيا – داخل الولايات المتحدة، والمقصود بذلك تلك الشبكة الممولة بقوة والتي تعمل على نشر العنصرية والكراهية ضد المسلمين.

تخويف الجمهور

توصي وثيقة "ACT" الداخلية بأن على الأعضاء أن "تطوعوا داخل فصول الدراسة... حتى تتمكنوا من مراقبة الدروس" في المدارس الثانوية، وتقترح على أولياء الأمور أن "انضموا إلى مجالس الآباء والأمهات حتى يتسنى لكم مقابلة المعلمين والمعلمات الذي سينفتحون عليم وسيخبرونكم بما يجري تدريسه. وعليكم الاحتفاظ بنسخ من أي واجب متحيز أو غير صحيح لكي يستخدم ذلك دليلاً فيما بعد عند الحديث مع المسؤولين المنتخبين."

يشير الكتيب، الذي وضعه في عام 2015 المدير التنفيذي السابق لمنظمة اعمل من أجل أمريكا "ACT for America" كيلي كوك، إلى أن القضية المركزية بالنسبة لهم تتمثل في الحاجة إلى "التحدث دونما خوف دفاعاً عن أمريكا وإسرائيل والحضارة الغربية."

ومن باب التأكيد على الحاجة إلى المشاركة في رسم خارطة تحدد معالم الجالية، يحذر كيلي من ظاهرة تنامي المدارس الإسلامية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.

ويقول في ذلك: "يقوم السعوديون ببناء تلك المدارس في كل أنحاء العالم وبمعدل يثير الذعر. فإذا وجدتم منها واحدة في منطقتكم فإنه ينبغي على شعبتكم إيلاءها كل الاهتمام."

وتنصح الوثيقة الأعضاء بعمل بحث عن أسماء مباني المدارس الإسلامية ووضع الخطوات اللازمة للضغط على السلطات حتى تغلق مثل هذه المرافق.

ويقول الكتيب في هذا المجال "لو أن مفوضي المقاطعة شعروا بأن تأجير هذه المقرات سيتطور إلى وضع يثير الشقاق فقد يدفعهم الخوف من تبعات المسؤولية عن ذلك إلى اتخاذ قرار بإلغاء عقود التأجير."

ويضيف محذراً من أن "كثيراً من الأئمة المحليين يرتبطون بشكل مباشر بالإسلاموية الراديكالية."

ضمن رسالة ترحيبية، كتبت غابرييل، التي أسست هذه المنظمة، تقول إنه يتوجب "حماية أمريكا من تيار الإسلاموية المتصاعد ومن الجهاد" وتحث الأعضاء على "إسكات الأصوات الحمقاء التي تعبر عن المواقف المقبولة سياسياً."

"سواء جاء ذلك الجهاد على شكل هجمات إرهابية... أو دعوات للإطاحة بالنمط الدستوري لحكومتنا واستبداله بالشريعة الإسلامية أو ممارسة التنمر والتخويف في الميادين العامة."

العالم الإسلامي بحسب ما ورد في الكتيب:

"يتعامل بكراهية وازدراء بحق ’الكفار‘ ... ولا يتم التعبير عنه في العالم الإسلامي بشكل واضح ولا بحماسة بالغة ولا حتى كل حين.

"فلقد أدت فكرة الإسلامي السياسي والجهاد على مدى 1400 عام إلى موت واستعباد مئات الملايين من البشر وإلى إخضاع مئات من الملايين الأخرى وإلى التنكيل بهم."

وفي واحد من فصوله تحت عنوان "مسائل إعلامية"، يحض الكتيب على توخي الحذر الشديد عند التعامل مع الصحفيين، وينبه الأعضاء إلى ضرورة "تجنب إجراء مقابلات يمكن أن تتعرض فيما بعد للتحرير والتعديل."

"قد يبدي بعض الصحفيين سخطاً ويومئون بأن للجمهور عليك حق إخبارهم بما لديك من رواية. وهذا لسان حال صحفي يقول لك "أرجوك قل شيئاً أتمكن فيما بعد من تحريفه خارج سياقه، فكل ما أريده في واقع الأمر هو أن أظهرك بمظهر المتعصب الأحمق."

وتنصح الوثيقة في هذه الحالة بما يلي: "أفضل رد على الصحفي هو دوماً القول "أنا مشغول الآن ولا يمكنني التعليق."

لم ترد منظمة اعمل من أجل أمريكا "ACT for America"على طلب تقدمت به الجزيرة للتعليق على الوثيقة، ولكنها زودت الجزيرة بتصريح ترد فيه على ما ورد في التحقيق الذي قامت به وحدة التحقيقات حول مؤسسة الإسلاموفوبيا، وجاء في التصريح: "طالما رحبت منظمة "ACT for America" وضمت إليها أعضاء وأنصار ينتسبون إلى كافة الأديان ممن يقفون صفاً واحداً تحت راية الحرية ودعماً للقيم الغربية."

وتعليقاً على شبكة الإسلاموفوبيا، قالت هايدي بيريتش، مدير المركز القانوني لفقر الجنوب إن أعضاء هذه الشبكة يهدفون إلى نشر "نظريات المؤامرة حول المسلمين. فمثلاً، "كل المسلمين إرهابيون، والمسلمون لا قبل لهم بالتعايش داخل المجتمعات الغربية".

وأضافت: "أعتقد أن منظمة "ACT for America" هي أشبه بطليعة القوات البرية لشبكة الإسلاموفوبيا داخل الولايات المتحدة، فهي التي ينتشر أعضاؤها في الميدان في كثير من المناطق حيث يحرضون الناس على كراهية المسلمين والعداء لهم."