ضبط عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي

مقال طويل

ضبط عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI" وهو يعلم الشرطة أفكار معادية للإسلام

مراسل الجزيرة المتخفي يقوم بتصوير جلسة تدريبية يقدمها جون غواندولو ويقوم من خلالها بنشر نظريات ملفقة عن المسلمين.

14 مايو 2018 | 9 دقيقة قراءة


تكشف وحدة تحقيقات الجزيرة بشكل حصري عن أن عميلاً سابقاً في مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI"، والذي يدرب منتسبي الأجهزة الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب، يزعم بأن لديه اتصالات مباشرة ومنتظمة مع وزير العدل الأمريكي جيف سيشنز.

وضمن تحقيق فيما بات يعرف بصناعة الإسلاموفوبيا – وهي عبارة عن شبكة جيدة التمويل من المنظمات والأفراد الذين ينشرون العنصرية ضد المسلمين، شارك صحفي متخف في جلسة تدريبية يقدمها جون غواندولو – وهو شخص مسكون بنظرية المؤامرة ويصرح علانية بأنه لا ينبغي للأمريكيين المسلمين التمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها غيرهم من المواطنين.

ولقد جرى تصوير غواندولو سراً وهو يتحدث في مقاطعة ماريكوبا بولاية أريزونا قائلاً: "كنت أتحدث ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع مع جيف سيشنز ما قبل الانتخابات وما بعدها، حتى لحظة التنصيب. وقلت له، يا سيدي عليك أن تمنحني ثلاث أو أربع ساعات. فقال لي، أعلم يا جون. قلت له، لأن ما سيحدث هو أنك بمجرد أن تدخل [وزارة العدل]، فسوف تنهمك داخل المعمعة."

يعمل سيشنز في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تعرض نفسه للانتقاد بسبب إثارته لمشاعر العداء ضد المسلمين. توضح مزاعم غواندولو كيف صار لشبكة الإسلاموفوبيا أذرع ممتدة إلى داخل معاقل السلطة والنفوذ في العاصمة الأمريكية واشنطن.

وتتبعت الجزيرة هذه التحركات على مدار العام الماضي في إطار تحقيقها الأخير، "صناعة الإسلاموفوبيا".

وكان غواندولو قد استقال من مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام ألفين وثمانية حينما كان يواجه تحقيقاً يتعلق بسلوكه المهني.

تقدم غواندولو بعدة نظريات أثناء محاضرته، ومنها الزعم بأن الجمعيات الطلابية الإسلامية في أريزونا كانت تجند الناس للانخراط في الجهاد.

وقال إن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) عبارة عن واجهة للإخوان المسلمين، وشبه هذه المنظمة التي تدافع عن حقوق المسلمين المدنية بحركة حماس، المنظمة الفلسطينية التي صنفتها الولايات المتحدة الأمريكية ضمن المنظمات الإرهابية.

يقول عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI" السابق ريك شواين: "هذا خطاب تخويف فقط لا غير. فهذه المنظمات من حقها أن تكون موجودة، وهي جزء من النسيج الأمريكي. والادعاء بأن كل هذه المنظمات هي العدو، وهو ما يومئ إليه، لأمر سخيف حقاً. لا شك أن ما يسعى للترويج له في منتهى الخطورة."

كما استخدم فريق غواندولو مقاطع فيديو لعمليات إعدام نفذها مقاتلو داعش، وذلك بهدف شرح مفهوم الشريعة الإسلامية لضباط الشرطة.

يقول عضو الكونغرس كيث إليسون: "إنه بائع سموم، هذه المواد سامة. لا نريد جهاز أمن انتشرت بين أفراده عدوى هذه الأفكار الكريهة، لأن هؤلاء لديهم القدرة على استخدام القوة المميتة."

رفض غواندولو طلباً تقدمت به الجزيرة للتعليق على الموضوع.

تمويل الكراهية

يأتي تنامي الإسلاموفوبيا داخل الولايات المتحدة في وقت تضاعف فيه عدد المجموعات المعادية للمسلمين ثلاثة أضعاف خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك بحسب ما أورده المركز القانوني للفقر الجنوبي.

تحظى صناعة الإسلاموفوبيا بتمويل بعدة ملايين من الدولارات، ولقد تمكنت الجزيرة من تعقب المتبرعين السريين الذين يمولون هذه الحركة.

وتشير وثائق مالية اطلعت عليها الجزيرة إلى أن ملايين الدولارات قدمها أحد المتبرعين المجهولين. والذي يحدث هو أن ما يسمى بالمال الداكن يمنح لهذه المجموعات من خلال منظمات في الواجهة، بينما تظل هويات المتبرعين الحقيقيين طي الكتمان.

يقول إيلي كليفتون، وهو زميل في معهد ذا نيشن: "تتوفر لدى الجماعات المعادية للمسلمين ميزانيات تتراوح ما بين مئات الآلاف من الدولارات إلى ملايين الدولارات في العام الواحد. ولربما كان مجموع الأموال التي يتم تداولها كل عام على شكل ميزانيات لتشغيل هذه المجموعات عشرات الملايين إن لم يكن مئات الملايين من الدولارات."

"اعمل لأجل أمريكا"، والتي هي واحدة من أكبر المجموعات الإسلاموفوبية، انطلقت في عام ألفين وسبعة على يدي امرأة اسمها بريجيت غابرييل، تزعم بأن لديها الآن ما يزيد على سبعمائة وخمسين ألف عضو.

تكشف وثائق داخلية عن أن "اعمل من أجل أمريكا" تشجع أتباعها على التجسس على المسلمين من خلال رصد نشاطات مساجدهم المحلية وحضور دورات جامعية متخصصة في دراسات الشرق الأوسط لأن هذه الأقسام، كما يزعمون، "تكون في الأغلب ممولة من قبل السعوديين ويعمل فيها أساتذة يؤيدون بشكل عام تطبيق الشريعة ولديهم مواقف معادية لأمريكا ولإسرائيل."

وهناك مجموعة أخرى اسمها مركز السياسات الأمنية، وهذه لديها حلفاء أصحاب نفوذ داخل واشنطن ويديرها فرانك غافني، العضو السابق في إدارة الرئيس رونالد ريغان.

فرانك غافني، أحد الشخصيات البارزة في المعاداة للإسلام. يرأس مركز السياسة الأمنية. [الجزيرة]

أما باميلا غيلر وروبرت سبنسر فيديران اثنين من المواقع الأكثر شعبية على الإنترنت ضمن المواقع التي تصنف المسلمين على أنهم مصدر خطر. الموقع الأول اسمه "غيلر ريبورت" والموقع الثاني اسمه "جهاد ووتش".

يقول ناثان لين، مؤلف كتاب "صناعة الإسلاموفوبيا: كيف يصطنع اليمين الخوف من المسلمين": "تتشكل صناعة الإسلاموفوبيا من مجموعة متقاربة ومتعاونة من الأفراد والمنظمات الذين يتقاضون الكثير من المال مقابل إثارة الرأي العام ضد المسلمين ونشر فكرة الخوف منهم."

يشترك معظم المتبرعين لهذه المجموعات في شيء واحد. حيث يدعم ثمانون بالمائة منهم سياسياً أو مالياً المشاريع المؤيدة لدولة إسرائيل والمدافعة عنها.

تمكنا من خلال السجلات المالية المسربة من مؤسسة ليند وهاري برادلي المحافظة التوصل إلى صورة أوضح حول دوافع المتبرعين حيث اشتملت الوثائق على طلب للتمويل مقدم من إحدى المجموعات المعادية للمسلمين.

تقول الوثيقة إن المال سيستخدم في مقارعة جمعية الطلاب المسلمين، وهي منظمة غير ربحية.

وفي ردها على ذلك، قالت مؤسسة برادلي إنها تدعم "تشكيلة منوعة من المنظمات التي تنسجم أغراضها مع رسالتنا التي تهدف إلى إعادة الاعتبار وتعزيز وحماية مبادئ الحرية."

أما المجموعات الممولة المتبقية التي ردت على طلب الجزيرة بالتعليق فقالت إنها تقوم ببساطة بتنفيذ رغبات المحسنين المجهولين، وهذه المجموعات هي: الجالية اليهودية في سان فرانسيسكو، والصندوق اليهودي الموحد في مدينة شيكاغو وصندوق أمانة المتبرعين / رأسمال المتبرعين.

تقول ريبيكا فيلكوميرسون، رئيسة منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام: "إنه لمزعج جداً أن تقوم منظمة يهودية بتمويل هذه المنظمات التي تنشر الإسلاموفوبيا أو إيصال الأموال إليها. معظمنا نحن معشر اليهود نعي بشكل جيد ما وقع في الماضي وما مر به الشعب اليهودي من معاناة حينما حولوه إلى كبش فداء."

عدد الهجمات وجماعات الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة آخذ في الارتفاع [الجزيرة]

معظم ما تمارسه صناعة الإسلاموفوبيا من تلاعب بالرأي العام إنما يجري عبر الإنترنت، فهي تخاطب الآلاف من متابعيها في محاولة لزرع الخوف فيهم من المسلمين، كأن تحذر من أن الشريعة الإسلامية توشك أن تهيمن على المنظومة القانونية داخل الولايات المتحدة.

وفي ذلك يقول كليفتون: "يحتل المتبرعون موقعاً بالغ الأهمية حينما يتعلق الأمر بالرسائل التي توجهها شبكة الإسلاموفوبيا، وذلك في زمن سادت فيه وسائل التواصل الاجتماعي. فعندما ترى منظمات مثل أمانة المتبرعين أو مؤسسة برادلي تمنح الأموال لما هو في واقع الأمر قطاع هامشي من الجماعات المعادية للمسلمين فحينها نرى تحولاً داخل قاعدة الحزب الجمهوري باتجاه اليمين. يتمثل السيناريو الأسوأ لهذه الحركة في التنكيل المستمر والمتصاعد للمسلمين وأن يصبح المسلمون أشبه بجزر الكناري أو منجم الفحم لحركة قومية بيضاء تنتشر في أرجاء الولايات المتحدة."