فرق موسيقية للعنصريين البيض تستخدم فيسبوك لنشر محتوى يحرض على الكراهية

حصري

فرق موسيقية للعنصريين البيض تستخدم فيسبوك لنشر محتوى يحرض على الكراهية

استطاع تحقيق للجزيرة التعرف على ما يقرب من 120 صفحة تنتمي لفرق تعلن على الملأ عن آراء عنصرية تؤمن بتفوق البيض.

10 يوليو 2020


حذف فيسبوك عدة صفحات تعود لمجموعات موسيقية عنصرية بيضاء بعد تحقيق قامت به الجزيرة حول انتشار هذه الفرق عبر منصات السوشال ميديا.

تعرفت وحدة تحقيقات الجزيرة على أكثر من مائة وعشرين صفحة تنتمي في الأغلب لفرق موسيقى الميتال وشركات موسيقية ترتبط بشكل مباشر بعقيدة التفوق العنصري للبيض. وكانت هذه الصفحات قد جمعت ما يزيد عن ثمانمائة ألف إعجاب، وبعضها موجود على الانترنت منذ أكثر من عقد من الزمن.

بعد إرسال خمسة نماذج إلى فيسبوك، قامت المنصة بحذف ثلاث من صفحات الفرق الموسيقية التي تعتنق عقيدة التوفق العرقي للبيض، مضيفة أن صحفتين أخريين مازالتا قيد المراجعة.

وطبقاً لفيسبوك فإن الصفحات الثلاث المحذوفة، وهي لفرق سولدجر إس إس أوف إيفيل (SoldierSS of Evil)، ووايتلو (Whitelaw)، وفراك آس (Frakass) وفرانغر، (Frangar)، جميعها انتهكت سياسات فيسبوك.

ومع ذلك، ماتزال صفحات أخرى تعرفت عليها الجزيرة موجودة على الانترنت على الرغم من أنها تخالف سياسات الشركة بشأن خطاب الكراهية.

وردت هذه الأخبار في نفس الأسبوع الذي نشر فيه فيسبوك تقييماً داخلياً انتقد بشدة سجل الشركة في التعامل مع قضية حقوق الإنسان ومنع خطاب الكراهية.

كما أن هذه المعلومات تأتي بعد أسبوعين من قيام ما يزيد عن خمسمائة شركة، بما في ذلك كوكا كولا وستاربكس، بالتعهد بعدم نشر دعايات لدى فيسبوك طالما أنه لا يتخذ خطوات حاسمة لحظر خطاب الكراهية وذلك في أوج صحوة وطنية ضد العنصرية بعد وفاة جورج فلويد، وهو الحدث الذي أدى إلى نقاش عالمي حول العنصرية المنتظمة.

القصائد المعادية للسامية والصلبان المعقوفة

اكتشفت الجزيرة أن معظم الصفحات موجودة على الانترنت منذ سنين، وأن كثيراً منها ينشط في نشر أخبار العروض القادمة والمقطوعات الموسيقية التي يتم إطلاقها وفي الدعاية للبضائع، في بعض الأوقات باستخدام صور معبرة عن التفوق العنصري للبيض.

تنتمي إحدى الصفحات الأكثر رواجاً إلى M8I8th وهو عبارة عن عمل موسيقي بلاك ميتال من أوكرانيا، والذي يعني اسمه الكامل "مطرقة هتلر".

رقم ثمانية الذي يتكرر مرتين يرمز إلى الحرف إتش (هاء)، وهو الحرف الثامن في الترتيب الأبجدي للحروف اللاتينية، يرمز تكرار الرقم ثمانية وحرف الهاء إلى "هيل هتلر" في عرف النازيين الجدد.

تستخدم  M8I8th في أغانيها مقاطع من خطاب الدعائي النازي جوزيف غوبلز وكذلك من "هورست ويسيل ليد"، النشيد الرسمي للحزب النازي في الفترة من 1930 إلى 1945.

يرتبط مؤسس الفرقة، وهو مواطن روسي اسمه أليكسي ليفكين، بشكل وثيق بالكتيبة الأوكرانية اليمينية المتطرفة، والمعروفة باسم "أزوف باتاليون"، والتي تقاتل حالياً في صراع أوكرانيا الدائر ضد الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا.

كما أن ليفكين واحد من منظمي أسغردسري، مهرجان موسيقى النازية الجديدة والذي ينظم سنوياً في العاصمة الأوكرانية كييف. ولقد شوهد المشاركون في المهرجان وهم يلوحون برايات تحمل الصليب المعقوف وشوهدوا وهم يؤدون التحية النازية.

تعرفت الجزيرة على صفحات فيسبوك تنتمي لفرق موسيقية قدمت عروضاً في أسغردسري، بما في ذلك غوتمون، وهي فرقة فنلندية لموسيقى البلاك ميتال تحمل صفحتها على الفيسبوك أكثر من اثني عشر ألف إعجاب.

ورغم إنكارها الارتباط بمن يعتقدون بالتفوق العنصري للبيض، إلا أن الصورة التي تظهر على صفحة الفرقة على الفيسبوك هي لأحد عازفي الغيتار يحمل وشماً مموهاً، وهو في واقع الأمر وشم لصليب معقوف كما يظهر بجلاء في الصور غير المموهة.

تم نشر الصورة المضللة على اليسار على صفحة غوتمون على فيسبوك، والصورة الظاهرة على اليمين تم التقاطها في نفس المهرجان [فيسبوك/انستغرام]

قلنسوة كو كلوكس كلان

وصفحة الفيسبوك الأخرى الرائجة هي تلك المملوكة لفرقة بيست نوار الفرنسية، والمعروفة أيضاً باسم كيه بيه إن (كوماندو بيست نوار)، والتي تستخدم شعاراً لها من نسخة محورة من منظمة المقاومة الآريانية البيضاء النيونازية.  

ومع أن بيست نوار تزعم بأنها فوضوية قومية، وليست ممن يعتقدون بالتفوق العنصري للبيض، إلا أن الفرقة أطلقت أغاني تسمى التفوق العنصري الأرياني ومخيمات الموت والتي تحتوي الكلمات الشعرية: "قبل مغادرة هذه الأرض / أريد موتهم / تطهير عرقين نقي ولعين / للانتقام النهائي."

كما أطلقت بيست نوار ألبوماً في العام الماضي يظهر فيه المغني وهي يغطي رأسه بقلنسوة كو كلوكس كلان بينما يشد حبل مشنقة حول رقبة رجل أسود الوجه، هو أيضاً من المغنين.

الفرقة الفرنسية بيست نوار لديها غلاف ألبوم يصور إعدام شخصية ذات وجه أسود [الجزيرة]

في تصريح للجزيرة، قال نيك سبونر الذي يعمل في مجموعة مناهضة للعنصرية وللفاشية اسمها "تفاؤل لا كراهية": "طالما استخدم أصحاب عقيدة التفوق العنصري للبيض الموسيقى، من البانك إلى البلاك ماتيل، واعتبروها فرصة سانحة لتجنيد الأتباع."

وأضاف سبونر: "إلا أن السوشال ميديا غيرت تماماً الطريقة التي يتعرف الناس بها على مواد اليمين المتطرف. فقبل السوشال ميديا كنت مضطراً للذهاب إلى استعراض ما أو إلى مقابلة شخص ما حتى تتواصل مع هذه الأنماط من الفرق الموسيقية. ثم غيرت السوشال ميديا ذلك تماماً، وبات الوصول إليهم الآن يسيراً جداً."

غلاف ألبوم أوشفيتز

على الرغم من أن الفرق الموسيقية الكبيرة تحاول إخفاء المواد المثيرة للخلاف، إلا البعض الآخر أكثر جرأة.

تستخدم فرقة فولريتش (Volrisch)، وهي من المكسيك، غلاف ألبوم تظهر فيه صورة بوابة معسكر الإبادة النازي أوشفيتز – بيركينو صورة افتتاحية لصفحتها على فيسبوك. ويظهر غلاف الألبوم قائمة بالأغاني بعضها يحمل بكل وضوح عناوين مثل "الطاعون اليهودي" و "المحرقة الجديدة".

وأما فرقة ووتانوردن (Wotanorden)، والتي تنحدر من الولايات المتحدة، فتحتفي بحصول صفحتها  على 1488 إعجاب، منها 88 تشير إلى هيل هيتلر و 14 تشير إلى ما يعرف بشعار الأربعة عشر كلمة، وهو نداء شائع بين أصحاب عقيدة التفوق العنصري للبيض، معناه: "يجب علينا ضمان وجود شعبنا وضمان مستقبل الأطفال البيض."

ثم هناك فرق موسيقية مثل لايبستاندارته (Leibstandarte) وكريستالناخت (Kristallnacht) وآينساتزغروبين (Einsatzgruppen) والتي تشير على التوالي إلى فافن إس إس، الجناح العسكري للحزب النازي، وحملة إبادة كريتالناخت التي نظمها النازيون وفرق الموت آينساتزغروبين المسؤولة عن قتل ملايين اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية.

تحتوي صفحة فولريتش على الفيسبوك على صورة تظهر بوابات معسكر الموت في أوشفيتز وأغنية ’الطاعون اليهودي‘ [الجزيرة]

عدم التسامح إطلاقاً

إجابة على أسئلة وجهت إلى فيسبوك، قال ناطق باسمه للجزيرة إن الشركة لا تسمح بخطاب الكراهية على منصتها، بما في ذلك المحتوى المعبر عن عقيدة التفوق العنصري للبيض.

وقال المتحدث: "من المؤسف أن عدم التسامح إطلاقاً مع ذلك لا يعني انعدام الحالات تماماً. لقد حذفنا ثلاث من الصفحات التي تخالف قواعدنا ونراجع الآن الصفحتين الباقيتين للتأكد من التزامها بسياساتنا."

وأضاف: "سوف نستمر في تحسين تقنياتنا، وتطوير سياساتنا، والعمل مع الخبراء للتعرف على مثل هذه المواد وحذفها من منصاتنا."

وكان فيسبوك قد نشر يوم الأربعاء تقييماً على مدى عامين لوضع حقوق الإنسان ومحاولات الشركة الحد من انتشار خطاب الكراهية على المنصة.

ينتقد التقرير الذي أعده خبراء في مجال حقوق الإنسان ويتكون من تسعة وثمانين صفحة فيسبوك ويقول إنه بحاجة إلى عمل المزيد إزاء معاداة المسلمين ومعاداة اليهود وغير ذلك من أشكال خطاب الكراهية في منصته.

ويخلص التقرير إلى القول: "ماتزال مقاربة فيسبوك إزاء الحقوق المدنية من وجهة نظرنا تفاعلية وتدريجية."

استبقت شيريل ساندبيرغ، المسؤولة الأولى عن العمليات في فيسبوك، صدور التقرير لتقول إن الشركة "تقف بحزم ضد الكراهية" وأقرت بأن لديهم إشكالات فيما يتعلق بخطاب الكراهية، وأنهم سوف يأخذون ببعض النصائح الواردة في التقرير.

وكان فيسبوك قد أعلن في العام الماضي أنه لن يسمح منذ الآن فصاعداً بوجود محتوى يعبر عن عقيدة التفوق العنصري للبيض على منصته، وقال إن "تلك المفاهيم ترتبط بشكل عميق بمجموعات الكراهية المنظمة ولا مكان لها ضمن خدماتنا."