بنغلاديش تشتري من إسرائيل أجهزة للتجسس على الجمهور

حصري

بنغلاديش تشتري من إسرائيل أجهزة للتجسس على الجمهور

أدوات تجسس مصنوعة في إسرائيل تم شراؤها لصالح وكالة الاستخبارات العسكرية في بنغلاديش، رغم أن بنغلاديش لا تعترف بإسرائيل.

2 فبراير 2021


اشترت بنغلاديش أجهزة رصد ومراقبة مصنوعة في إسرائيل يمكن استخدامها لرصد الهواتف النقالة لمئات الأشخاص في نفس الوقت، بحسب ما كشف عنه تحقيق للجزيرة.

تظهر وثائق وبيانات حصلت عليها وحدة تحقيقات الجزيرة أن جيش بنغلاديش اشترى معدات إسرائيلية في عام 2018 عبر وسيط مقيم في بانكوك وأن ضباطاً في المخابرات العسكرية البنغالية تم تدريبهم في المجر من قبل خبراء استخبارات إسرائيليين.

يتضمن العقد الذي حصلت الجزيرة عليه شرطاً يلزم الطرفين بالتوقيع على اتفاقية عدم الإفصاح، كما يذكر العقد أن مصدر المعدات هو المجر، رغم أن تسجيلات سرية للجزيرة تثبت أن الوسيط تحدث صراحة بأن المعدات كانت من إسرائيل.

قال مصدر الجزيرة المتخفي، سامي، والذي تم تغيير اسمه حفاظاً على سلامته: "قال المقاول إنه لا يجوز بحال أن يعرف الناس في بنغلاديش أن هذا المنتج جاء من إسرائيل."

ليس لبنغلاديش علاقات دبلوماسية مع إسرائيل والتجارة معها محظورة. وبنغلادش رابع أكبر بلد مسلم من حيث تعداد السكان ولا تسمح لمواطنيها بالسفر إلى إسرائيل بسبب الاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية. ولذلك أعلنت رسمياً أنها لن تعترف بإسرائيل إلى أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة.

العقد الذي حصلت عليه الجزيرة ويظهر كذباً بلد المنشأ على أنه المجر [الجزيرة]

عشيرة أحمد

يأتي هذا الكشف كجزء من تحقيق أجرته الجزيرة بعنوان "رجال رئيسة الوزراء" يتم من خلاله تسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين عائلة إجرامية متنفذة في بنغلاديش، ينتسب إليها رئيس الجيش في البلاد، ورئيسة الوزراء الشيخة حسينة.

يكشف التحقيق عن أن الشخصية المحورية في عملية شراء المعدات العسكرية هو حارس أحمد، وهو مجرم مدان وشقيق رئيس الجيش في بنغلاديش عزيز أحمد. يذكر أن حارس الذي عاد الآن إلى بنغلاديش كان قد استقر في المجر في عام 2015 مستخدماً جواز سفر مزور بينما كان اسمه مدرجاً على مذكرة حمراء للإنتربول (الشرطة الدولية) إذ أنه كان مطلوباً في بنغلاديش لإدانته في جريمة قتل ارتكبت في عام 1996.

وحارس هذا واحد من خمسة أشقاء من عائلة أحمد، أربعة منهم لديهم ارتباطات بنشاطات إجرامية بما في ذلك القتل. أما الشقيق الخامس، عزيز، فهو رئيس الجيش، والذي تربطه بالشيخة حسينة علاقات وثيقة.

يكشف التحقيق كيف تحظى عائلة أحمد بنفوذ كبير يتيح لها استخدام كافة إمكانيات الدولة، بما في ذلك تخفيف الأحكام الجنائية والحصول على الوثائق المزورة وتوقيف المعارضين السياسيين.

تمكنت الجزيرة من تقفي آثار حارس واكتشاف أنه يدير عدة مشاريع تجارية في أرجاء أوروبا بمساعدة شقيقه الذي يحتل منصباً رفيعاً في الدولة، والذي يحيط علماً بمكان تواجد شقيقه بل وحتى قابله عدة مرات على الرغم من أن أجهزة إنفاذ القانون في بنغلاديش كانت قد أصدرت مذكرة توقيف بحقه.

حارس أحمد (أعلى) والمطلوب من قبل شرطة بنغلاديش، يظهر في الصورة مع الجنرال عزيز أحمد (أسفل) خلال حفل زفاف نجل الجنرال عزيز عام 2019 [الجزيرة]

"شرس واقتحامي"

يحتوي عقد شراء برنامج التجسس على صيغت سعياً لإخفاء الصفة الحقيقية للصفقة التي أبرمت من خلال شركات واجهة وهمية. ولكنه فعلياً كان صفقة بين وكالة الاستخبارات العسكرية، واسمها المديرية العامة للاستخبارات العسكرية، وشركة بيكسيكس، وهي مؤسسة مقرها في إسرائيل وتدار من قبل عملاء سابقين في المخابرات الإسرائيلية. وكان الوسيط بينهما مواطن إيرلندي يقيم في بانكوك اسمه جيمس مولوني.

تم التوقيع على عقد شراء "معترض بيه 6" بعد يوم واحد من تعيين عزيز أحمد، شقيق حارس، رئيساً لجيش بنغلاديش.

في العادة تستخدم أنظمة رصد الهواتف النقالة التي اشترتها بنغلاديش، وتعرف بمتلقيات آي إم إس آي، من قبل السلطات بهدف تعقب من يشاركون في الاحتجاجات والمظاهرات.

قال مولوني، المدير التنفيذي لشركة مسجلة في سنغافورة اسمها سافرين سيستيمز: "إنها من إسرائيل، ولذلك فنحن لا نعلن عن تلك التكنولوجيا."

وكان مولوني قد قال قبل ذلك بأن سافرين سيستيمز واجهة لإدارة أعمال بيكسيكس في آسيا، وذلك نظراً لأن كثيراً من الدول تحجم عن التعامل العلني مع شركة إسرائيلية.

مضى مولوني يقول: "نضع المعلومات عن جهاز اعتراض الخلوي أو الواي فاي على الويبسايت. نحن في غاية الحذر إزاء مظهرنا أمام الجمهور."

ويضيف: "هذه التكنولوجيا شرسة واقتحامية جداً. لن ترغب في أن يعرف الجمهور أنك تستخدم هذه المعدات."

وحسبما يقوله سامي، قام خبراء الاستخبارات باعتراض مكالمات في المجر من أجل استعراض فعالية المعدات أمام ضباط المخابرات العسكرية البنغال.

جيمس مولوني (وسط الصورة) بصحبة مدربو شركة بيكسيكس (إلى اليمين) واثنان من ضباط المخابرات البنغلاديشية مجهولي الهوية (يسار) [الجزيرة]

"المعرفة قوة"

وصف إليوت بندينيلي من منظمة الخصوصية الدولية جهاز الاعتراض بيه6 بأنه أداة للمراقبة الجماعية بإمكانه تعقب ما بين 200 إلى 300 جهاز موبايل في نفس الوقت.

وفي تصريح للجزيرة قال بندينيلي: "يعمل الجهاز كما لو كان برجاً للهواتف الخلوية، بحيث ترتبط جميع الهواتف في منطقة معينة به وبذلك يتمكن من اعتراض الاتصالات التي تتم من خلالها."

وأضاف: "كل ما تقوم به من خلال هاتفك، الرسائل النصية، المكالمات الهاتفية والمواقع التي تزورها سوف يتم اعتراضها. كما أن هذا الطراز بالذات لديه القدرة على التدخل في الاتصالات، بمعنى أنه يستطيع تغيير محتوى الرسائل النصية."

وقال: "إن المعرفة قوة، فإذا عرفت أين سيلتقي الناس وما الذي يخططون لفعله، فأنت تملك القدرة على المبادرة."

تفاخر حارس في حديثه لمصدر الجزيرة بأن ذلك بالضبط ما فعله، إذ استخدم المعلومات التي حصل عليها من المراقبة الإلكترونية ليتصرف وينقض على أحد خصومه.

تواصلت وحدة التحقيقات مع جميع من ورد ذكرهم في الفيلم بما في ذلك المديرية العامة للمخابرات العسكرية، وحارس وعزيز أحمد، وكذلك شركة بيكسيكس، ودعتهم للرد على ما توصل إليه تحقيقها ولكنهم لم يستجيبوا.

أما جيمس مولوني فقال للجزيرة إن سافرين سيستميز ليست الشركة التي تعاقدت مع جيش بنغلاديش، ولكنه لم يقل شيئاً حول دوره كوسيط في الصفقة غير الشرعية التي تم بموجبها شراء برنامج التجسس.

ويوم الاثنين، بعد أن بثت قناة الجزيرة الفيلم، نفى وزير خارجية بنغلاديش في مقابلة مع البي بي سي أن تكون بلاده قد اشترت معدات لاعتراض الهواتف النقالة من إسرائيل.