وثائق تكشف عن أن بنغلاديش اشترت أجهزة اختراق الهواتف من شركة سيلبرايت الإسرائيلية

حصري

وثائق تكشف عن أن بنغلاديش اشترت أجهزة اختراق الهواتف من شركة سيلبرايت الإسرائيلية

القوة شبه العسكرية سيئة الصيت "كتيبة العمل السريع"، كانت من بين أولئك الذين تدربوا على سحب البيانات من الهواتف النقالة.

8 مارس 2021


تكشف وثائق حصلت عليها وحدة تحقيقات الجزيرة وصحيفة هاآرتس الإسرائيلية كيف أنفقت حكومة بنغلاديش ما لا يقل عن 330 ألف دولار على معدات اختراق أجهزة الهاتف التي تصنعها شركة إسرائيلية، رغم أن البلدين لا يرتبطان معاً بعلاقات دبلوماسية.

يو إف إي دي (UFED) منتج طورته مؤسسة سيلبرايت الأمنية، وهو منتج لديه القدرة على اختراق واستخلاص البيانات من مجموعة واسعة من الهواتف النقالة. ولقد أقلقت قدرته على اختراق بيانات الهاتف المشفرة نشطاء الدفاع عن الحريات المدنية، الذين طالما طالبوا بفرض قيود صارمة على استخدامه.

لا تعترف بنغلاديش بدولة إسرائيل، وتحظر التجارة معها وتمنع مواطنيها من السفر إلى هناك. يعلن البلد ذو الأغلبية المسلمة رسمياً التضامن مع الفلسطينيين باعتبار أنهم محرومون من الحقوق المدنية ويعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي.

ليس واضحاً ما إذا كان يو إف إي دي قد زود إلى بنغلاديش مباشرة من قبل الشركة الإسرائيلية أو عبر شركة تابعة لمؤسسة سيلبرايت تتواجد في مكان آخر من العالم، ربما بهدف التغطية على المصدر الحقيقي.

وكانت الجزيرة قد كشفت في فبراير (شباط) كيف وقع الجيش في بنغلاديش في عام 2018 عقداً يحصل بموجبه على معدات اعتراض الهواتف النقالة من شركة إسرائيلية اسمها بيكسيكس. وفي فبراير (شباط) 2019، تلقى ضباط من بنغلاديش تدريباً على يد خبراء مخابرات إسرائيليين في العاصمة المجرية، بودابيست.

تقول وزارة الدفاع في بنغلاديش إن المعدات، وهي عبارة عن نظام رصد للهواتف النقالة يسمى "معترض بيه 6" صنع في المجر وتم شراؤه للاستخدام من قبل بعثات الأمم المتحدة – وهو الادعاء الذي كذبته المنظمة الدولية.

ينص العقد على أن صانع "معترض بيه 6" هو شركة بيكسيكس المحدودة في المجر، ولكن لا يوجد سجل رسمي يثبت وجود مثل هذه الشركة، وأن جميع معدات بيكسيكس كلها مصنوعة في إسرائيل.

التدريب في سنغافورة

كما ترتبط الوثائق الأخيرة التي حصلت عليها وحدة تحقيقات الجزيرة، والتي وجدتها الجزيرة أيضاً منشورة في موقع وزارة الداخلية البنغالية، بعقود وقعت في عامي 2018 و2019. وهي صادرة عن قسم الأمن العام التابع لوزارة الشؤون الداخلية التي تناط بها مسؤولية الأمن المحلي والتي تشتمل وكالاتها على قوة الشرطة وحرس الحدود في بنغلاديش.

تشتمل الأوراق على تفاصيل تبين كيف أن تسعة ضباط من دائرة التحقيقات الجنائية حصلوا على تصريح بالسفر إلى سنغافورة في فبراير (شباط) 2019 لتلقي التدريب على استخدام يو إف إي دي لتمكينهم من فتح واستخلاص البيانات من أجهزة الهاتف النقال. وتبين المعلومات كيف سيتمكن الموظفون البنغاليون في نهاية المطاف من التأهل كمشغلين ومحللين مسجلين لأنظمة سيلبرايت.

وتقول الوثائق أيضاً إن كتيبة الفعل السريع، وهي عبارة عن قوة شبه عسكرية لديها سجل موثق في أعمال الخطف والتعذيب والإخفاء، سوف تتلقى تدريبات على استخدام أنظمة الاختراق من نوع سيلبرايت ضمن مشروع جار بدأ في عام 2019 ومن المقرر أن يُستكمل في يونيو (حزيران) 2021.

يبدو أن حكومة بنغلاديش سوف تستثمر بكثافة في أنظمة الرقابة الإلكترونية. كما أن الوثائق المسربة تستعرض استخدام تشكيلة واسعة من الأجهزة – من معترضات الوايف اي ومسيرات المراقبة والاستطلاع إلى لواقط آي إم إس آي، وهو معدات تحاكي الأبراج الخلوية لخداع الأجهزة الخلوية وحملها على الكشف عن مواقعها وما تحمله من بيانات.

يأتي الكشف الأخير عن أن أجهزة الأمن في بنغلاديش يتم تزويدها بمعدات مراقبة قادرة على اختراق الهواتف المشفرة التي تحتوي على رسائل خاصة في خضم مخاوف متزايدة حول سجل حقوق الإنسان في البلد.

واجهت بنغلاديش انتقاداً دولياً بشأن تشريع سنته في عام 2018 تحت اسم قانون الأمن الرقمي، والذي يمنح قوات الأمن صلاحيات واسعة لتوقيف واعتقال الصحفيين والنشطاء السياسيين الذين ينتقدون الدولة عبر المنصات الإلكترونية.

وفي الأسبوع الماضي طالب سفراء من ثلاثة عشر بلداً بإجراء تحقيق مستعجل في موت مشتاق أحمد، الكاتب الذي توفي في الخامس والعشرين من فبراير (شباط) بعد أن احتجز لتسعة شهور بدون تهمة بموجب قانون الأمن الرقمي لمجرد انتقاده عبر فيسبوك تعامل الحكومة مع جائحة فيروس كورونا.

وقف الصادرات إلى بنغلاديش

إيتاي ماك محامي إسرائيلي متخصص في حقوق الإنسان، ويناضل من أجل وقف تصدير تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية التي يمكن أن تستخدم في انتهاكات حقوق الإنسان – بما في ذلك في هونغ كونغ، حيث خرج أنصار الديمقراطية إلى الشوارع في 2019 وظلوا يتظاهرون لعدة شهور. يشرح ماك مدى قدرة التكنولوجيا التي اشترتها بنغلاديش من إسرائيل على التجسس والاختراق.

قال ماك في تصريح للجزيرة: "بإمكانك أن تأخذ كل المعلومات حول حياة شخص ما، وحول علاقاته، وسجله الطبي، وأسماء أصدقائه، وفي حالة الصحفيين أسماء المصادر التي يستقون منها أخبارهم."

وأضاف: "في حالة هونغ كونغ، استخدمت الشرطة أنظمة سيلبرايت لاختراق هواتف أربعة آلاف متظاهر."

في النهاية توقفت سيلبرايت عن التصدير إلى هونغ كونغ بعد موجة السخط الشعبية ونتيجة لقضية رفعها ماك ضد الشركة أمام القضاء. وهو الآن يسعى لفعل نفس الشيء مع بنغلاديش. ولقد رفع ماك يوم الاثنين عريضة للمحاكم الإسرائيلية مطالباً إياها بسحب رخص التصدير إلى بنغلاديش الممنوحة لكل من سيلبرايت وبيكسيكس.

وأخبر ماك الجزيرة بأنه "حتى لو كانت لشركتي سيلبرايت وبيكسيكس فروع في سنغافورة، فهي ما تزال خاضعة للقانون الإسرائيلي." وأضاف: "طالما أن الشركة مملوكة لمواطنين إسرائيليين فإنها بحاجة إلى رخصة تصدير صادرة عن وزارة الدفاع."

وقال ماك إن إسرائيل تستخدم صادرات تلك المعدات لإقامة علاقات مع البلدان التي لديها سجل سيء في مجال حقوق الإنسان مثل بنغلاديش وجنوب السودان والإمارات العربية المتحدة.

وقال ماك: "تصدير هذه المعدات أسهل، على سبيل المثال، من بيع بنغلاديش بنادق إسرائيلية. فهذه الأنواع من الأنظمة أقل حضوراً وهكذا تتمكن إسرائيل من إقامة علاقات سرية مع تلك البلدان."

وأضاف: "ولكن من المهم ملاحظة أنه هذه ليست علاقة بين الشعب الإسرائيلي وشعب بنغلاديش أو شعب الإمارات. إنها علاقة بين الحكومة الإسرائيلية والنظام المحلي. ومثل هذه العلاقة تعنى أن إسرائيل تساعد الاضطهاد المحلي في كثير من الأماكن حول العالم." تواصلت وحدة تحقيقات الجزيرة مع وزارة الشؤون الداخلية في بنغلاديش وكذلك مع شركة سيلبرايت، إلا أن أياً منهما لم تعلق على الموضوع بحلول موعد النشر.