تشير الأدلة إلى قاعدة بحرية هندية في إحدى الجزر التابعة لموريشيوس

حصري

تشير الأدلة إلى قاعدة بحرية هندية في إحدى الجزر التابعة لموريشيوس

يظهر من تحليل البيانات إنشاء مدرج جوي ومرفأ للاستخدامات العسكرية بينما تعمل الهند على توسيع نفوذها باتجاه أفريقيا

3 أغسطس 2021


تفيد صور ملتقطة بالأقمار الصناعية وبيانات مالية وأدلة ميدانية حصلت عليها وحدة تحقيقات الجزيرة بأن الهند تبني مرفقاً عسكرياً بحرياً على سطح جزيرة نائية تابعة لموريشيوس اسمها أغاليغا.

يقول خبراء عسكريون قاموا بتحليل الأدلة المتوفرة لدى الجزيرة بأن مدرجاً جوياً تم إنشاؤه حديثاً من المؤكد أنه سوف يستخدم لمهمات رقابية بحرية تقوم بها القوات البحرية الهندية.

في تصريح للجزيرة، يقول أبيشيك ميشرا، الزميل في مؤسسة أبحاث أوبزرفر (أو آر إف) في نيودلهي: "إنه مرفق استخباراتي للهند لتوفير تواجد جوي وبحري بهدف زيادة عمليات الاستطلاع في جنوب غربي المحيط الهندي وقناة موزمبيق. وسوف يوفر موقعاً مفيداً للاتصالات وجمع المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية."

ظهرت الإشاعات والتقارير الإعلامية حول القاعدة العسكرية لأول مرة في عام 2018 ولكن موريشيوس والهند كلاهما نفيا أن يكون مشروع البناء هو لأغراض عسكرية وقالا إن البنية التحتية سوف تكون فقط لخدمة سكان الجزيرة.

تكشف صور الأقمار الصناعية أن جزيرة أغاليغا، التي تقع على بعد 1100 كيلومتر من جزيرة موريشيوس الرئيسية ويقطنها حوالي 300 شخص، شهدت إنشاء مرفأين ضخمين ومدرجاً جوياً يزيد طوله عن ثلاثة كيلومترات.

في إشارة إلى طائرة P-81 الهندية للاستطلاع الجوي والتي يمكن أن تستخدم في الرقابة وفي المعارك لإطلاق صواريخ جو أرض وصواريخ مضادة للغواصات، يقول ميشرا: "بناء على معلوماتي الشخصية وعلى محادثاتي مع جميع هؤلاء الناس في محيطي، سوف تستخدم القاعدة لإرساء سفننا بينما يستخدم المدرج الجوي على الأغلب من قبل طائرات P-81."

الطائرات التي ترغب حالياً في الهبوط في أغاليغا تستخدم مدرجاً قصيراً طوله 800 متر، يكفي فقط لطائرات حرس السواحل المروحية التابعة لموريشيوس. أما المدرج الجديد الذي ما يزال قيد الإنشاء فهو بطول المدارج التي تستخدمها أكبر الطائرات في العالم في المطارات الدولية الضخمة.

تظهر المقارنة بين صور الأقمار الصناعية زيادة في النشاط على سطح الجزيرة التي لا يقطنها سوى عدد قليل من الناس. [المصدر: Maxar]

في تصريح للجزيرة، قال صموئيل باشفيلد، الباحث في كلية الأمن الوطني التابعة للجامعة الوطنية بأستراليا، إن المحيط الهندي يتحول بشكل متزايد إلى نقطة ساخنة للأقطار حتى توسع فيه نفوذها الجيوسياسي.

وقال: "إن جنوب غرب المحيط الهندي حيز من المهم بالنسبة للهند أن يكون لها فيه مساحات تتمكن فيها طائراتها من دعم سفنها، وأيضاً حيث تتوفر لديها مساحات بإمكانها استخدامها كمنصات انطلاق لعملياتها."

وقال باشفيلد الذي يركز بحثه على القضايا الاستراتيجية والجيوسياسية في المحيط الهندي: "أظن أنه كإضافة للنقاط الأخرى للهند التي بإمكانها أن تعمل منها، فإن هذه المنطقة بالغة الأهمية. وأعتقد أنها بقعة مثالية تماماً لإقامة قاعدة عسكرية."

باستخدام بيانات شحن بحري، تمكنت الجزيرة من تعقب ما يزيد عن عشر سفن شحن كبيرة شدت الرحال من موانئ هندية إلى أغاليغا لنقل مواد بناء.

تظهر الصور والبيانات كيف أصبحت الجزيرة على مدى العامين الماضيين مقراً للمئات من عمال البناء الذي يعيشون في معسكر شبه دائم في الطرف الشمالي من الجزيرة التي يبلغ طولها 12 كيلومتراً.

ما يقرب من ألف عامل بناء هندي يعملون في أغاليغا [الجزيرة]

دوريات بحرية

يتم إنشاء البنية التحتية في أغاليغا بناء على صفقة أبرمت في عام 2015 بين حكومتي موريشيوس والهند.

حيث اتفق البلدان على "إقامة وتطوير البنية التحتية لتحسين التواصل البحري والجوي في الجزيرة النائية التابعة لموريشيوس، مما سيقطع شوطاً بعيداً في تحسين ظروف الحياة لسكان هذه الجزيرة النائية" وفي تحسين المرافق التي يستخدمها حرس السواحل التابع لموريشيوس.

في شهر مايو / أيار 2021 أثناء جلسة للبرلمان، نفى رئيس وزراء موريشيوس نفياً قاطعاً أن يكون البناء لأغراض عسكرية، وقال: "دعوني أكرر، وبشكل قاطع تماماً وبكل وضوح، إنه لا توجد اتفاقية بين موريشيوس والهند لإقامة قاعدة عسكرية في أغاليغا."

إلا أنه وطبقاً لحسابات باشفيلد هذه ليست الحقيقة الكاملة.

يقول باشفيلد: "إن الغرض من المرافق هو السماح للجيش الهندي، وكذلك لحرس السواحل التابع لموريشيوس، بالوصول إلى هذه المنطقة والتمكن من العمل فيها. ولذلك، وبينما حكومة موريشيوس محقة على وجه التأكيد من أن ذلك سوف يوفر وسيلة تواصل أفضل، إلا أن ذلك قطعاً ليس السبب الحقيقي من وراء المشروع. إذ لا يوجد سبب حقيقي لتطوير هذه الجزيرة سوى الاستخدام العسكري."

ويرى ميشرا أن دافع الهند من إنكار الغرض الحقيقي من المشروع له علاقة على الأغلب بالبصريات.

ويقول: "من وجهة النظر الهندية، لا ينبغي أن ينظر إلينا على أننا ندعم العسكرة في منطقتنا. فنحن قلقون من أن الصين تمكنت من الحصول على أول قاعدة لها خارج البلاد في عام 2017 في جيبوتي، فأن نقوم نحن بعمل نفس الشيء سيكون بمثابة ممارسة للنفاق. ولذلك، فإن بإمكاننا القول، على الأغلب، إن هذه القاعدة التي من المؤكد أنه سيكون لها بعض الاستخدامات العسكرية، إلا أنها سوف تستخدم في الأغلب لتحسين الوضع التشغيلي."

اشترت الهند عدداً من طائرات الاستطلاع البحري من طراز P-81 لتنظم إلى سلاح البحرية التابع لها [The Aviation Photo Company]

في مواجهة الصين

يبدو أن توسع الصين في المحيط الهندي هو غاية الهند الأساسية من إقامة هذه المرافق، حيث ترغب البلد في مواجهة القوة الصاعدة للصين.

يقول باشفيلد: "نرى خلال السنوات القليلة الأخيرة أن المحيط الهندي يتحول في طبيعته وبشكل متزايد إلى مكان متعدد الأقطاب."

ويضيف في إشارة إلى القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي وتمكن الصين من الوصول إلى العديد من الموانئ في المنطقة: "فنحن نرى الصين تعمل على تكريس نفوذ أكبر لها ونرى العديد من المنصات العسكرية الصينية في المحيط الهندي."

نتيجة لذلك، كما يشرح ميشرا، صعدت الهند من مساعيها في هذا المجال كذلك، حيث وفرت أنظمة رادار ساحلية للعديد من البلدان في المنطقة، بما في ذلك المالديف وموريشيوس.

وبوجود مرافق عسكرية في أغاليغا، سوف يكون بمقدور الهند تعقب السفن التي تقترب من قناة موزامبيق الحيوية.

يقول ميشرا: "إن الهدف من اتفاقية جزيرة أغاليغا التي أبرمتها الهند مع موريشيوس هو أن تكون الجزيرة بمثابة رأس حربة حيوية تتمكن من خلالها الهند من مسح المنطقة بأسرها. حيث أنها ستوفر لها موقعاً مفيداً للاتصالات وجمع المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية."

مدرج الطيران في جزيرة أغاليغا التي يقطنها فقط 300 إنسان، ويزيد طوله عن ثلاثة كيلومترات [الجزيرة]

تواصلت وحدة التحقيقات مع جميع من وردت أسماؤهم في هذا التحقيق.

عادت حكومة موريشيوس وأكدت على موقفها من أنه "لا يوجد اتفاق بين موريشيوس والهند على إقامة قاعدة عسكرية في أغاليغا."

وأضافت إن عبارة "قاعدة عسكرية" يقصد بها: "مرفق مملوك ويتم تشغيله من قبل، أو لصالح، المؤسسة العسكرية لإيواء التجهيزات والعناصر العسكرية على أسس دائمة ولأغراض تتعلق بالقيام بعمليات عسكرية."

وصرحت إن أعمال البناء في أغاليغا صممت لتحسين "مرافق البنى التحتية غير الكافية" في الجزيرة، والتي سوف تبقى "تحت سيطرة سلطات موريشيوس وأي استخدام لهذه المرافق من قبل أي بلد أجنبي سوف يخضع لموافقة حكومة موريشيوس."

أما وزارتا الدفاع والشؤون الخارجية في الهند فلم تردا على طلب التعليق على الأمر.