حصري: الكشف عن الفساد في قطاع صيد السمك في ناميبيا

حصري

حصري: الكشف عن الفساد في قطاع صيد السمك في ناميبيا

تكشف الجزيرة كيف أن شخصيات مقربة من رئيس ناميبيا كانت تناقش غسيل أموال وردت كتبرعات سياسية.

1 ديسمبر 2019


يكشف تحقيق لشبكة الجزيرة عن أنه تم تصوير عدة شخصيات مقربة من رئيس ناميبيا هاجي جينغوب وهم يناقشون غسيل أموال وردت لهم كتبرعات سياسية.

في فيلم "مصيدة الفساد"، تفضح وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة الفساد المستشري في قطاع صيد السمك في ناميبيا، موجهة أصابع الاتهام إلى ما بات الآن الوزير السابق للثروة السمكية والموارد البحرية في البلاد، بيرنهارد إيساو، وكذلك إلى المحامي الشخصي للرئيس جينغوب، سيسا ناماندجه.

حاول صحفيو الجزيرة، الذين تظاهروا بأنهم مستثمرون صينيون، الدخول إلى قطاع صيد السمك في ناميبيا للحصول على حصص الصيد المربحة لصالح مشروع مشترك مع شركة صيد السمك الناميبية أوموالو.

خلال إجراء التحقيق، طلب إيساو تبرعاً من المستثمرين الصينيين قدره مائتي ألف دولار لصالح حزب سوابو الحاكم، وذلك قبيل الانتخابات العامة التي جرت في البلاد يوم الأربعاء.

كما يمكن في اللقطات التي تم تصويرها سراً مشاهدة إيساو وهو يستلم جهاز آي فون من صحفيي الجزيرة.

وبناء على تعليمات أصدرها ساكي كاديلا آمومو، العضو المنتدب لشركة أوموالو، كان التبرع لحزب سوابو سيخضع لعملية غسيل بذريعة أنه استثمار أجنبي في قطاع العقارات.

كان التبرع سيمرر من خلال حساب صندوق أمانة باسم سيسا ناماندجه، الذي ظل المحامي الشخصي لجميع الرؤساء في ناميبيا منذ استقلال البلاد في عام ١٩٩٠.

كما أنه المسؤول داخل حزب سوابو الحاكم المكلف بالإشراف على الانتخابات الداخلية.

عندما طلب الصحفيون المتخفون من ناماندجه تأكيد ما إذا كان سعيداً بأن يستخدم حساب الأمانة المسجل باسمه لغسيل الأموال التي سيتم التبرع بها لحملة انتخابات حزب سوابو قال: "يا جماعة، عليكم الحذر من الحديث للناس عن الدفع للوزير."

ومضى يقول: "إذا تحدثتم إلى عدد من الناس عن ذلك، فسوف ينتهي بكم الأمر .... (وأشار إلى ما يفيد الأغلال)."

رفض ناماندجه مناقشة منشأ أو وجهة الأموال التي ستمر عبر حساب الأمانة المسجل باسمه.

بينما كان صحفيو الجزيرة المتخفون يتفاوضون على الشراكة مع أوموالو، طُلب منهم دفع مبلغ خمسمائة ألف دولار ومنح حصة قدرها عشرون بالمائة من المشروع المشترك لمايك نغيبونيا، المدير التنفيذي لشركة صيد الأسماك الحكومية المعروفة باسم فيشكور.

في المقابل، كانت فيشكور ستقوم بمنح المستثمرين أفضلية للحصول على حصص الصيد التي يقررها وزير الثروة السمكية.

ولكن نظراً لكونه موظفاً حكومياً فإنه من غير المشروع أن يستخدم نغيبونيا منصبه الرسمي لتحقيق مكسب شخصي.

’كنت أسايركم‘

رداً على التحقيق، أخبر كاديلا صحيفة ذا ناميبيان أنه كان يعلم منذ البداية أن الصحفيين المتخفين كانوا "رجال أعمال زائفين".

وقال المدير التنفيذي لشركة أوموالو: "كنت فقط أسايرهم ... بهدف تأكيد شكوكي."

وأضاف كاديلا إنه أخبر محامي الرئيس، سيسا ناماندجه، بالموضوع وقال هذا الأخير إنه بدوره أبلغ الشرطة.

يقوم تحقيق الجزيرة على أساس من وثائق كان جوهانيس ستيفانسون، الموظف السابق في شركة صيد السمك الأيسلندية سامهيرجي، قد سربها إلى موقع ويكيليكس.

قامت وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة بإجراء التحقيق بالاشتراك مع محطة التلفزيون الحكومية في آيسلندا واسمها آر يو في ومع مجلة ستوندين الآيسلندية.

ما بات يسمى ملفات السمك المتعفن، والتي نشرها موقع ويكيليكس قبل أسبوعين، احتوى على رسائل إيميل ومذكرات، وعروض بواربوينت، وسجلات مالية للشركة، وصور وأفلام فيديو، كلها تظهر كيف تواطأت سامهيرجي، إحدى أضخم شركات صيد السمك في أيسلاندا، مع كبار السياسيين ورجال الأعمال في ناميبيا للفوز بحظوة ومعاملة مفضلة فيما يتعلق بحقوق صيد السمك في المياه الإقليمية للبلاد.

من ضمن هذه الشخصيات السياسية الكبيرة إيساو وكذلك وزير العدل السابق ساكي شانغالا، وكلاهما استقالا بعدما نشرت الوثائق.

تظهر الوثائق التي عثرت عليها الجزيرة أنه ومنذ عام ٢٠١٢ وحتى اليوم، دفعت سامهيرجي ما يزيد في المجمل عن عشرة ملايين دولار لإيساو، وكذلك للشركات التي يملكها شانغالا وتلك التي يملكها صهر إيساو واسمه تامسون هاتويكوليبي، ولابن عمه جيمز هاتويكوليبي، رئيس شركة فيشكور.

أغلب هذه الدفعات كانت مقابل فواتير موجهة لسامهيرجي باعتبارها "رسوم استشارات"، وذلك بحسب ما ورد في الوثائق المسربة.

يزعم الواشي ستيفانسون أن تلك الدفعات كانت رشاوى الهدف منها ضمان منح سامهيرجي موقعاً متميزاً في قطاع صيد السمك في آيسلاندا.

بعد وقت قصير من تواصل الجزيرة مع حكومة ناميبيا وطلب التعليق على الموضوع تقدم كل من إيساو وشانغالا بالاستقالة من منصبيهما.

كما استقال جيمز هاتويكوليبي من منصبه كرئيس لشركة فيشكور بينما تنحى ثورستين مار بالدفينسون من موقعه كمدير تنفيذي لشركة سامهيرجي بانتظار التحقيق الداخلي الذي تجريه الشركة.

نجم عن ذلك أيضاً استقالة بالدفينسون من مجالس إدارة عدة شركات صيد سمك تملكها سامهيرجي.

اعتقالات يوم الانتخابات

في يوم الأربعاء، الذي جرت فيه الانتخابات العامة في ناميبيا، ألقت السلطات القبض على إيساو وشانغالا بالإضافة إلى جيمز وتامسون هاتويكوليبي وشخصين آخرين بتهم تتعلق بالفساد والاحتيال. وكل هؤلاء ينفون ارتكاب أي مخالفات.

على الرغم من فضيحة الفساد التي تورط فيها عدد من كبار المسؤولين في الحكومة، إلا أن الرئيس هاجي جينغوب وحزب سوابو الحاكم تمكنا من الفوز بالانتخابات، حسبما أعلنت عنه هيئة الانتخابات في ناميبيا يوم السبت.

أثارت قضية "السمك المتعفن" موجة من الغضب في كل من ناميبيا وآيسلاندا، حيث يتنامى القلق لدى الناخبين إزاء مستويات الفساد في أوساط النخب السياسية وقطاع الأعمال في البلدين.

خرج مئات المحتجين في الأسبوع الماضي في تظاهرة توجهت إلى هيئة مكافحة الفساد في ناميبيا مطالبين باستقالة مديرها باولو نووا بعد اتهامه بالتقاعس عن اتخاذ ما يكفي من الإجراءات ضد حالات الفساد المعروفة في البلاد. ورداً على ذلك، تحركت هيئة مكافحة الفساد وأصدرت مذكرات التوقيف التي نجم عنها الاعتقال.

وفي آيسلاندا تجمع آلاف الناس في الميدان الرئيسي أمام البرلمان خلال نهاية الأسبوع احتجاجاً على الفساد.

طالب المحتجون باستقالة وزير الثروة السمكية في البلاد كريستيان ثور جوليوسون، والذي كان عضواً في مجلس إدارة سامهيرجي.

وكان جوليوسون صديقاً مقرباً من المدير التنفيذي المقال بالدفينسون.

وقف عضو البرلمان عن حزب بايريت الأيسلندي أمام البرلمان ليقول: "لقد ماتت أسطورة براءة آيسلاندا."

تنفي جميع الأطراف التي اتهمت بالاحتيال في فيلم الجزيرة القيام بأي مخالفات. وفي تصريح صحفي زعمت شركة سامهيرجي أنه لا يوجد لديها ما تخفيه عن أي تحقيق.